تقول آية الخالدي في مستهل هذا التقرير إن نُصير ياسين، المعروف باسم “ناس ديلي” ويحمل صفة مواطن فلسطيني داخل إسرائيل، أثار موجة غضب واسعة بعدما صرّح بأن “أسوأ ما قد يواجه الفلسطيني ليس إسرائيل بل أبناء بلده”، وافتتح بذلك خطابًا صادمًا وصف فيه حركة حماس بأنها الخطر الأول على الفلسطينيين، واعتبر مصطلحات مثل الإبادة الجماعية والفصل العنصري “مبالغًا فيها وغير علمية”.

 

تكشف ميدل إيست آي تفاصيل هذا الظهور الإعلامي، الذي جاء خلال مقابلة على قناة LBC البريطانية، حيث مهّد المذيع توم سواربريك الحديث عن غزة بالإشارة إلى أحد مقاطع ياسين، ليرد الأخير بأن “أفضل ما قد يحدث للفلسطينيين هو هزيمة الإرهابيين”، في إشارة مباشرة إلى حماس، مضيفًا أن الروايات التي تقدّم الحركة كجزء من مقاومة الاحتلال “تخدع الجمهور الغربي”.

 

خطاب يصادم الهوية الفلسطينية

 

يرفض ياسين توصيف الوضع بالفصل العنصري، ويؤكد أن نشأته داخل إسرائيل لم تشهد أي مظاهر “الفصل العنصري” كما في جنوب أفريقيا، على حد تعبيره. يزعم أنه يتحرك بحرية، ويعمل، ويصوّت في الانتخابات، ويعامل كمواطن له حقوق مشابهة لليهود الإسرائيليين. ينطلق من تجربته الشخصية ليعمم حكمًا واسعًا، معتبرًا أنها دليل كافٍ لنفي التمييز البنيوي ضد الفلسطينيين داخل إسرائيل.

 

يذهب أبعد من ذلك حين يقول إن رأيه ينبغي أن يحمل وزنًا أكبر من آراء مسلمين أو متعاطفين مع فلسطين في أوروبا، لأنهم – بحسب رؤيته – ينطلقون من عاطفة أو انتماء ديني قبلي. يصرّ على أنه “أكثر تأهيلًا” لفهم الصراع من مهاجر يعيش في برمنجهام أو مواطن سويدي، ما أثار سخرية المنتقدين الذين رأوا في كلامه تناقضًا واضحًا بين رفضه للقبلية ووقوعه فيها بوضوح.

 

مهاجمة المتعاطفين وتحميل أطراف خارجية المسؤولية

 

يتهم ياسين المسلمين في الغرب بدعم القضية الفلسطينية بدافع “الانتماء القبلي”، ويتهم الأوروبيين التقدميين بدعمها بدافع التعاطف مع الضعيف. يضيف إلى ذلك اتهامات مباشرة لإيران وقطر بأنهما تقفان خلف ما يسميه “دائرة العنف” في غزة وخلف التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في بريطانيا، ويرى أن لندن تستقبل “أخطر المهاجرين في العالم”، على حد وصفه.

 

يربط بين وجود هذه الجاليات في بريطانيا وبين محاولات “زَعزعة استقرار الشرق الأوسط” عبر حملات إعلامية، ويقدّم ذلك بوصفه تهديدًا أمنيًا وسياسيًا. يوسّع بذلك دائرة الاتهام لتشمل جاليات مهاجرة كاملة، ما فجّر موجة جديدة من الانتقادات التي اعتبرت خطابه أقرب إلى خطاب اليمين المتطرّف منه إلى خطاب مدوّن يدّعي البحث عن السلام.

 

انتقادات لاذعة وتشكيك في دوافعه

 

تتدفق ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي بسرعة. يرى كثيرون أن ياسين يسيء تمثيل الفلسطينيين ويختزل معاناتهم في قراءته الفردية، ويستغل هويته الفلسطينية ليمنح شرعية لرواية متماهية مع خطاب الاحتلال. يشير بعضهم إلى أن الحياة التي عاشها داخل إسرائيل لا تعكس واقع الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، حيث تفرض سياسات صارمة تقيد الحركة والحقوق والسكن والتعليم.

 

ينتقد صحفيون وناشطون المذيع لعدم محاسبة ياسين على تصريحاته، ويتساءلون عن سبب عدم استضافة فلسطينيين آخرين عاشوا تجارب مختلفة ويملكون قراءات ناقدة للسياسات الإسرائيلية. يتهمه كثيرون بإعادة إنتاج دعاية سياسية تسعى إلى تلميع صورة الاحتلال، خاصة مع تصريحاته السابقة التي عبّر فيها عن دعمه لإسرائيل بعد السابع من أكتوبر، وتبنّيه وصف “إسرائيلي-فلسطيني” بدل “فلسطيني-إسرائيلي”.

 

تشير أيضًا حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات إلى سجله السابق، وتذكّر بدعوتها إلى مقاطعة برامجه التي رأت فيها واجهة للتطبيع، وهو ما يعزز قناعة جزء كبير من الجمهور بأن حديثه لا ينفصل عن مسار طويل من تبرير السياسات الإسرائيلية في المنطقة.

 

https://www.middleeasteye.net/trending/nas-daily-sparks-outrage-saying-palestinians-biggest-threat-themselves